رحلة #إلى #المجهول#
- Rana
- Jan 6, 2019
- 2 min read
بين حينٍ و حين ، يدّب في قلب المرء حنين، إلى شيءٍ من التغيير بعد عناء العمل الكثير. و هذا ما دفع صاحبنا الكريم، للسفر وحيدا ً دون نديم، فالأهل في غربتهم في تركية، و استقدامهم لمقامه في الدّوحة أصعب أمنيّة! فأسرع إلى جواز السفر، استعدادا ً لمغادرة قطر، لكنّه رأى تاريخ جوازه في خطر! فقد قارب على النهايَة، و ليس فيه صلاحيّة .. فماذا و هو سوريّ الجنسيّة، و هذه معاناة الأمّة السوريّة بعد أزمتهم العالميّة و تشّعب القضيّة .. سأل صاحبنا أحد البريّة، فأرشده بإرسال الجواز لدولةٍ عربيّة، فيها سفارة سوريَة، و أخذ منه مبلغا ً بالعملة الصّعبة و لعب به تلكم اللّعبة، مستخدما ً ذاك الحقير، خاتما ً فيه تزوير، ثمّ أعاده له بعد طول انتظار، فاستبشر المسكين خير استبشار، وليس لديه بين الدول خيار، سوى تركية بلد الجوار، فطار و حط ّ في أرض المطار، و ما إن وصل نقطة العبور في مطار استانبول، و سلَم الجواز للمسؤول، فأخذ يتصفّحه ثم قام يصول و يجول! وبدأ الغمز و اللَمز، و صاحبنا لا يفهم إلا َ بالرَمز، إلى أن استقرّ به الحال، في غرفة تحقيق و بودر بالسّؤال؟ جوازك فيه تزوير! وعليك فورا ً بالرّحيل، وبعد انتظارٍ طويل، عاد كالهبيل، مكسور الخاطر بائسا ً و لمكان إقامته يائسا ً.
تحدّث بما جرى له فدلّ على السّبيل، لابدّ لجوازك من تبديل، فأرسله إلى سوريّة البلد، و دفع عليه مبلغا ً زاد فيه العدد، طالبا ً من الله المدد، و بعد مضي فترة طال بها الزّمان، عاد إليه الجواز حيث كان، بختم و توقيع صالحان، فأصابه الهذيان، أخيرا بعد حرمان، أستطيع السّفر بأمان، فأخذ يخبر الخلّان، والأهل و الجيران، و توجّه بسرعة إلى مطار أردوغان، و لمّا دخل مطار تركيّة، تكرّرت نفس العملية وقيل له: (أوزكنون) بالتركيّة.. (سوري) بالإنكليزيّة..(برضون) بالفرنسيّة، و كلّ هذا مقصود منه نأسف بالعربيّة، أنت ممنوع ٌ من دخول تركيّة، لأن عليك عمليّة تزويرٍ سابقة تمنعك من الدّخول خمس سنواتٍ لاحقة... أصيب صاحبنا بالخيبة، و فقد ماء وجه الهيبة، و أعيد لمقامه بالدوحة بخيبة أملٍ، وبسرعةٍ وعلى عجل...و لدى دخوله مطار الإقامة، خشي من الناس الملامة، فقرَر السّفر وهو حيران، فسأل شركة الطّيران، أيّ الدول تستقبل هذا الولهان؟ فقالوا له: ليس لك إلاّ السّودان، فأجاب بالفم المليان: قبلت بامتنان...
و أخيراً تحققت له الأمنيّة، ودخل الأراضي السّودانيّة، التي استقبلته بحنيّة، و رأى فيها من السوريين المهاجرين، بكل المهن عاملين، حرفيين و مهنيين، فلّاحين و مثقفين، إلّا أنه لم يطب له الحال، لأكثر من ثلاث ليال، فتوجّه للسّفارة الأردنيّة بالسّؤال: هل أستطيع السفر إلى عمّان؟؟... قالوا: لا نستطيع إجابتك الآن.. بعد غد ٍ تعال، و بعد دراسةٍ أمنيّة، جاءت الموافقة مرضيّة، و لكن بشروط قصريّة، فإقامتك يجب ألاّ تتجاوز عشرة أيّام عديّة، و تذكرتك ذهابا و إيّابا شرطيّة. دخل صاحبنا عمّان وأقام بها ثلاث ليال غير هنيّة، بعد أن قام بزيارة مخيم الزّعتريّة، و شاهد الحالة المزريّة، التي وصلت إليها العائلات السوريّة، فأصيب قلبه بالأسى واللّوعة، وعاد أدراجه للدّوحة، بعد رحلة شاقّة أشبه بالدّوخة ... حمد الله و أثنى عليه، فلا ملجأ منه إلا ّ إليه، و رفع إلى السّماء يديه؛ اللهمّ أسألك بأسمائك البهيّة، و نبيّك محمد صلّى الله عليه و سلّم خير البريّة، أن تكون عونا ً و معينا ً للأمّة السوريّة، و تفرّج عنهم تلك الأزمة العصيّة، اللّهمّ علمك بحالنا يغنيك عن سؤالنا.. راجين أن يكون النّصر بإذن اللّه قريب.. و ما ذلك على الله بغريب.
<
Comments